القائمة الرئيسية

الصفحات

هل أنا حقًا شخص غير محبوب ؟ إهمال الوالدين وضعف الكفاءة التربوية (بناء تقدير الذات)


 كيف يتكون معتقد(أنا محبوب):

على عكس أشكال أخرى من إساءة معاملة الأطفال، فإن الضرر الذي يسببه الإهمال أو عدم الكفاءة لدى الوالدين له علاقة أكبر بما لم يفعلوه لا بما فعلوه.

 

يتعلم الطفل الرضيع أنه مرغوب فيه ومحبوب من خلال مشاهدة وجوه والديه المبتسمة وهم ينظرون إلى عينيه بإعجاب. ويتعلم الطفل الصغير أنه محبوب من خلال الطريقة التي يحب بها والده أن يحمله بين ذراعيه والطريقة التي تحب بها والدته أن تحتضنه.

 

تتعلم طفلة في سن ما قبل المدرسة أنها محبوبة عندما ترى ابتسامة والدتها وهي تبدأ في استكشاف العالم. وتتعلم طفلة في المدرسة الثانوية أنها محبوبة عندما يوبخها والداها على فعل شيء لا ينبغي لها أن تفعله، ولكن بعد دقائق يسامحانها عندما ينخرطان معها في نشاط آخر أكثر ملاءمة. وتتذكر الطفلة الأكبر سنًا أنها محبوبة عندما يتفاخر والداها بها أمام أجدادها - على الرغم من أنها لم تحصل إلا على درجات متوسطة في تقريرها الدراسي.

 

يتعلم الأطفال أنهم محبوبون من خلال الطريقة التي ينظر بها إليهم آباؤهم، ومن خلال مدى رغبتهم في احتضانهم وضمهم، ومن خلال طريقة تأديبهم. عندما لا ينظر الوالدان إلى الطفل بعيون محبة، فإنه يعتقد أنه غير محبوب. عندما لا يبدو أن والديه يريدان احتضانه أو ضمه، فإنه يعتقد أنه لا يستحق الحب. وعندما يُنتزع منه عاطفة والديه كلما فعل شيئًا لا يوافقان عليه، فإنه يعتقد أن محبته تتوقف على أفعاله وتصرفاته.

 

دراسات حالة:

حالة (س):





عندما التقيت (س) لأول مرة في العلاج النفسي، كانت حركاتها الآلية ووجهها غير المعبر اول ما يمكن ان يلفت النظر إلى أن لديها مشكلة ما فى التعامل مع ركام من المشاعر السلبية. وبينما كانت تتحدث بصراحة عن سبب سعيها للعلاج، لاحظت أيضًا أن صوتها بدا خاليًا من أي مشاعر. حتى قبل أن أعرف المزيد عن طفولتها، كنت أستطيع أن أدرك بالفعل أنها تعرضت لصدمة شديدة بطريقة ما، وأنها، استجابة للصدمة، انغلقت عاطفيًا.لقد قررت دفن المشاعر أملًا فى التخلص منها.

 

على الرغم من أن (س) قد حُجبت عن أذهانها قدرًا كبيرًا من طفولتها، إلا أننا اكتشفنا الحقيقة في النهاية. لقد تعرضت (س)  لإهمال شديد عندما كانت طفلة.


أوجه الإهمال فى طفولة (س) مثلما قصت لها أختها:

 

لقد علمت من أختها الكبرى أنها عندما كانت طفلة صغيرة كانت تُترك بمفردها في سريرها لعدة ساعات تبكى وتصرخ و في كل مرة لايلتفت إليها أحد إلا بعد مرور ساعات. نادرا ما تم تغيير حفاضاتها وفي كثير من الأحيان كانت تذهب إلى النوم جائعة.



عندما كبرت (س)، كان والداها يخرجان في الليل لمقابلة الاصدقاء او تناول اجتماعات العشاء الخاصة بوالدها ويتركنوها فى المنزل هى وشقيقتها، وتذكرت أن المنزل لم يكن يحتوي على طعام في كثير من الأحيان. كانت والدتها مهتمة بإرضاء والدها أكثر من اهتمامها برعاية أطفالها، ونادرًا ما تتذكر (س)أن والدتها كانت تعانقها أو تقبلها.

 

كان الوالد حنونًا في بعض الأحيان تجاه (س)  ولكن عادة بعد أن يشرب بضعة كئوس من الخمر الذى اعتاد ان يشربها حتى فى المنزل بل وكان يجبر الأم أحيانًا أن تشرب معه. كان  بعدما يشرب حتى الثمالة كان يضعها على حجره ويداعبها لكنها لم تكن تضحك بل كانت تبكى، ما يجعله يقول لها أنها طفلة تعشق النكد فيتركها.

آثار الصدمات العاطفية في مرحلة الطفولة على (س)



 عندما كبرت (س)، لم تكن قادرة على تجربة الحب الحقيقي. كان لديها عدد قليل من الأصدقاء ، لكنها لم تكن قادرة على الحفاظ على علاقة مستمرة. وجدت أنه من المستحيل أن تثق في الناس ولم تستطع أن تصدق أن أي شخص يمكن أن يهتم بها حقًا.

إذا كان شخص ما لطيفًا معها، كانت تفترض أن هذا الشخص لابد وأن يريد منها شيئًا. كانت دائمًا تنجح في إيجاد طريقة لإبعاد الناس عنها - إما من خلال انتقادهم بشكل مفرط أو من خلال التعالي عليهم. بشكل عام، كانت (س) تشعر بالوحدة في العالم وكانت تخشى أن تظل وحيدة دائمًا. أدركت أن هناك شيئًا مفقودًا بداخلها وأنها بحاجة ماسة إلى المساعدة.

 بإهمالها الشديد لابنتها، أرسلت والدة (س) لها رسالة مفادها أنها غير محبوبة. وبما أن الأطفال يميلون إلى إلقاء اللوم على أنفسهم بسبب إهمال والديهم وسوء معاملتهم، فقد كان هذا هو الاستنتاج الوحيد الذي توصلت إليه (س).

 



 حالة (م)

 

لا ينبغي أن يتجاهل والداك احتياجاتك الجسدية حتى تشعر بالإهمال.


هكذا وصفت (م)  أمها المهملة:

"لم تلمسني والدتي أبدًا أثناء نشأتي. 

لم تعانقني أو تحتضني، ولم تمدحني أو تشجعني.

في الواقع، لم تكن تهتم بي على الإطلاق. كنت مجرد مسؤولية بالنسبة لها ـ عبء حقيقي ـ شخص كان من المفترض أن تعتني به، شخص كان من المفترض أن تحبه. لكنني لا أعرف ما إذا كانت تعرف كيف تحب. كانت تعرف كيف تفعل الأشياء الأمومية، مثل الطبخ والتأكد من نظافة ملابسي، لكنها لم تهتم قط بمشاعري أو احتياجاتي العاطفية.


ضعف/انعدام الكفاءة الوالدية التربوية:

 

يهمل العديد من الآباء أطفالهم لأنهم ببساطة غير قادرين على أن يكونوا آباءً أكفاء. فالشخص الذي يعاني من انخفاض احترام الذات يشعر بالخوف وعدم الكفاءة في أن يكون أبًا وقد يكون خائفًا جدًا من ارتكاب خطأ لدرجة أنه لا يمارس الكثير من التربية على الإطلاق. أو قد يكون خائفًا جدًا من فقدان حب أطفاله لدرجة أنه يصبح متساهلًا للغاية.

 

في حالات أخرى، قد يكون الوالد منشغلاً للغاية باحتياجاته أو مشاكله غير الملباة لدرجة أنه لا يستطيع التركيز على أطفاله. وقد يتطلع البعض أيضًا إلى أطفالهم للحصول على الدعم العاطفي.

غالبًا ما يخبر الوالد غير الكفء وغير الناضج أطفاله أنه يحتاج إليهم لتشجيعه وحمايته، أو لرعايته وتعزيز غروره.

 


حالة (ج):

 

كانت هذه هي الحال مع (ج). فبحلول سن الخامسة، كانت قد تولت بالفعل دور الوالدة لأمها.

كانت والدة (ج)  تبكي كثيرًا - عادةً بسبب والد (ج)، الذي طلقها.

كانت (ج)  تتحدث عن والدتها عندما كانت في الثالثة من عمرها، أو عن والدتها وطفولتها المهملة. كانت (ج)   تمسح دموع والدتها وتخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام.

ولجعل الأمور أسوأ، كلما كانت (ج)   تنزعج من والدتها (عن حق، لأن والدتها أهملتها كثيرًا)، كانت والدتها تبدأ في البكاء وتقول أشياء مثل "أعلم أنك تعتقدى أنني أم فظيعة" أو "أنت تعاقبنيي فقط لأنني لا أجعلك مركز الكون الخاص بي". وبسبب هذا، أصبحت (ج)  تعتقد أنه من الأنانية منها أن تتوقع تلبية احتياجاتها الخاصة.

 

حالة (أ):


كانت والدة (أ): منهكة تمامًا بسبب الحياة. ولم تكن قادرة على العمل بمفردها بدون دعم زوجها أو ابنها.

كان والد (أ) يغيب عن  المنزل فى العمل بشكل متكرر كبائع متجول، وكانت والدته تظل في الفراش معظم الوقت الذي كان يغيب فيه، وتشكو من صداع شديد. وبدلاً من الاستيقاظ في الصباح لإعداد وجبة الإفطارلـ (أ)

كانت تبتسم بلطف عندما يدخل إلى غرفة نومها في الصباح وتسأله إذا كان يمانع في إحضار كوب من الشاي وبعض الخبز المحمص لها. حاول (أ) التعويض عن عيوب شخصية والدته من خلال حل مشاكلها.

 

كلما اشتكت له من عدم قدرتها على النهوض للقيام بالأعمال المنزلية أو التسوق، تطوع (أ)  للقيام بذلك نيابة عنها.

عندما كانت قلقة من أن والده قد يرى نساء أخريات أثناء تجوله -بحكم عمله- فى الطريق، طمأنها (أ)  بأن والده يحبها وأنه لن يفعل مثل هذا الشيء. وعندما كانت قلقة بشأن فقدان قوامها، أكد لها أنها جميلة.

 

النتيجة النهائية للحرمان العاطفي المبكر:

 

الحرمان العاطفي المبكر عادة ما يصيب الأطفال الذين يكبرون ليصبحوا أطفالاً قلقين وغير آمنين، أو بطيئين في النمو والنضج العاطفى أو يعانون من انخفاض احترام الذات. الطفل الذي يتعرض للإهمال الجسدي أو العاطفي يميل إلى أن يكون إما محتاجاً  للآخرين للغاية ما يجعله يفعل أى شيئ لإرضاء الآخر ولو على حساب نفسه  أو دفاعياً للغاية ما يجعله حساسًا لاى كلمة نقد ويفقده العلاقات من حوله رغم احتياجه لها.

 

قد يظهر الطفل سلوكًا متشبثًا  بالآخر أواعتماديًا أو قد يكون غير قادر على الارتباط عاطفيًا بالآخرين، كما كانت الحال مع (س) و ربما يؤدي إهمال الطفل إلى سلوك عدواني لدى الأطفال ويستمر حتى مرحلة البلوغ إذا لم يتم علاجه.

 


تعليقات

التنقل السريع